قصة المرأة التي ظهرت صورتها على الدينار التونسي منذ 60 عامًا
الفنانة القديرة أنيسة لطفي، تُعدّ من أبرز الأسماء في عالم المسرح والسينما التونسية. بزغ نجمها في أدوار مسرحية عديدة، منها “بيت برناردا ألبا” و”البخيل” و”ليلة من ألف ليلة وليلة”. لم تتوقف شهرتها عند الحدود التونسية، بل امتدت إلى مصر، حيث تعاونت مع عمالقة الفن هناك، مثل الممثل الكبير جميل راتب في مسرحية “عطيل”. أما في السينما، فقد شاركت في أفلام بارزة مثل “دار الناس” و”الصراخ” و”وغداً”.
لم تتوقف أنيسة لطفي عند المسرح والسينما، بل امتدت مسيرتها إلى الدراما التلفزيونية. تمكنت من احتلال مكانة هامة في قلوب جمهور الدراما من خلال أدائها المتميز في العديد من المسلسلات الرمضانية، مثل “قمرة سيدي المحروس” و”يا زهرة في خيالي” و”صيد الريم”. هذا الأداء اللافت جعلها نجمة لا تُنسى في عالم الدراما التونسية.
لكن، ما يجهله الكثيرون هو الجانب الآخر من قصة أنيسة لطفي، الجانب الذي يحمل بعدًا تاريخيًا وفنيًا نادرًا. فبينما حظيت الطبيبة توحيدة بالشيخ بالإعجاب والإطراء عندما وُضعت صورتها على ورقة نقدية، كانت أنيسة لطفي قد سبقتها في ذلك بسنوات طويلة. لقد كانت أول امرأة تُطبع صورتها على العملة التونسية، تكريمًا لمكانتها وتأثيرها الفني.
فمنذ الاستقلال، أراد الزعيم الحبيب بورقيبة تكريم المرأة التونسية وتقدير دورها في المجتمع. اختار أنيسة لطفي لتكون رمزًا لهذا التكريم، بعد أن تأثر بأدائها المسرحي وأُعجب بموهبتها الكبيرة. فرُشحت صورتها لتُطبع على الورقة النقدية من فئة الدينار، والتي توقفت عن التداول لاحقًا، إلا أن صورتها استمرت على القطعة الحديدية من نفس الفئة، ولا يزال التعامل بها مستمرًا إلى اليوم.
هذا التكريم ليس مجرد اعتراف بموهبة أنيسة لطفي، بل هو تكريم لكل المرأة التونسية ودورها الفاعل في بناء المجتمع. لقد أصبحت صورة أنيسة لطفي على العملة رمزًا لتقدير الفن والفنانين، وتجسيدًا لدور المرأة في الثقافة التونسية. إنها ليست مجرد صورة على عملة، بل قصة نجاح وتفوق ترويها الأجيال.
أنيسة لطفي، التي لطالما أبدعت على خشبة المسرح وأمام كاميرات السينما، لم تكن تعلم أن مشاهدتها من قبل الزعيم بورقيبة ستغير مجرى حياتها وتجعل منها رمزًا تاريخيًا. لقد تحول أداؤها البارز إلى رمز وطني، يُذكّر التونسيين بأهمية الفن والثقافة في حياتهم.