اخبار عامة

غرفة مستشفى تتحوّل إلى ورشة حدادة أمام مريض يترقب النجاة

شرارات الإهمال… عندما تتحوّل غرفة المستشفى إلى ورشة حدادة!
في زمن يُفترض أن تكون فيه المستشفيات واحات للشفاء وفضاءات تحفظ كرامة الإنسان، طالعنا مقطع فيديو صادم يوثّق واقعة لا تصدَّق: رجل يرقد على سرير المرض داخل غرفة مستشفى، فيما يباشر أحد العاملين أشغالاً بأداة “meule à disque”، غير عابئ بوجود مريض يتنفس الألم، ولا مكترث بشرارات النار المتطايرة التي ملأت المكان.
المشهد بدا وكأنه مقتطع من فيلم عبثي، لكنه للأسف حقيقة عارية تعكس حجم الاستهتار الذي قد يتخفّى أحياناً وراء جدران بعض المؤسسات الصحية. الشرارات المعدنية تنبعث يميناً ويساراً، والضجيج يملأ الغرفة، فيما يظهر المريض ممدداً على سريره، شاهداً صامتاً على انتهاك صارخ لأبسط حقوقه: الحق في العلاج في ظروف آمنة وكريمة.
بين قدسية الفضاء الصحي وعبثية السلوك
المستشفى ليس مجرد بناية من الإسمنت، بل هو فضاء تُعلَّق عليه آمال آلاف المواطنين بحثاً عن الطمأنينة. ومن البديهي أن تكون الغرف المخصّصة للمرضى مناطق معقّمة، بعيدة عن كل ما يهدّد حياتهم أو يسيء لسلامتهم. لكن الفيديو كشف نقيض ذلك: غرفة تحوّلت إلى ورشة صناعية، وطاقم يتصرّف وكأنه في ورشة حدادة لا في مؤسسة استشفائية.
هذا المشهد يطرح أسئلة موجعة: أين هي معايير السلامة؟ أين احترام المريض الذي أُجبر على تقاسم فراش مرضه مع الشرر والدخان؟ وأين الرقابة الإدارية التي يُفترض أن تمنع مثل هذه التصرفات من الحدوث أصلاً؟
خطر يتجاوز الإهانة إلى التهديد المباشر للحياة
ما حدث لا يتوقف عند حدّ الإهانة المعنوية، بل يتعدّاه إلى تهديد مباشر لحياة المريض. فالشرارات المتطايرة قد تتسبب في نشوب حريق، أو إحداث إصابات خطيرة في بيئة يُفترض أن تكون محمية من أي مخاطرة. إضافة إلى ذلك، فإن الأدوات المستعملة في مثل هذه الأشغال تُطلق جسيمات دقيقة قد تلوث الهواء وتفاقم وضع المرضى، خصوصاً من يعانون أمراضاً تنفسية.
كل هذه المخاطر تجعل من الحادثة ليس مجرد “هفوة مهنية”، بل جريمة في حق الإنسان وحقه في العلاج الآمن.
رأي الشارع… غضب وسخط
الفيديو أثار ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبّر عدد كبير من المتابعين عن سخطهم مما وصفوه بـ”العار الصحي”. تعليقات المواطنين جاءت حادة: “كيف يُعقَل أن تتحول غرفة مريض إلى ورشة لحام؟”، “أين الإنسانية في التعامل مع شخص يُفترض أنه في أضعف حالاته؟”، “هذا ليس فقط إهمالاً بل احتقار لكرامة الإنسان”.
الغضب الشعبي مشروع، فالمستشفيات تُموَّل من ضرائب المواطنين، وبالتالي فهي ملك عام يجب أن يدار بروح المسؤولية، لا بروح الاستهتار.
إلى متى؟
الحادثة تضع الجهات الرسمية أمام مسؤولياتها: ضرورة فتح تحقيق عاجل، محاسبة المتسببين، ووضع بروتوكولات صارمة تمنع تكرار مثل هذه الممارسات. فالمستشفى يجب أن يبقى حرماً للشفاء، لا ورشة عمل مفتوحة على المخاطر.
إنها دعوة لإعادة الاعتبار إلى المريض، ذلك الإنسان الذي يلجأ إلى المؤسسة الصحية طلباً للنجاة، لا ليجد نفسه بين سندان المرض ومطرقة الإهمال.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *