التوانسة في روسيا: من الدراسة إلى خضم التجنيد العسكري؟
في السنوات الأخيرة، أصبح خيار الدراسة في روسيا مغريًا لعدد من الشباب التونسيين الراغبين في مزاولة التعليم العالي، خصوصًا في التخصصات مثل التجارة والإدارة. ومع ذلك، يلوح في الأفق، بحسب بعض الروايات، خطر غير مألوف: أن يتحول الطالب الطموح إلى جندي يُجنّد في صفوف الجيش الروسي.
إحدى هذه القصص التي تروّج في بعض الأوساط الاجتماعية تقول إن شابًا تونسيًا سافر إلى روسيا قصد الدراسة في مجال التجارة، لكنه وجد نفسه لاحقًا منخرطًا في التجنيد العسكري. ويُرجّح أن يكون ذلك مرتبطًا بحملة تجنيد كبرى تشنها روسيا في الآونة الأخيرة، مع سعي موسكو لضخ آلاف الجنود الجدد ضمن صفوفها.
حملة تجنيد موسّعة
وفق تقارير صحفية، تستهدف روسيا تجنيد ما يصل إلى 135 ألف شاب خلال حملة التجنيد الخريفية هذا العام، في الفئة العمرية بين 18 و30 عامًا. ويأتي هذا التجنيد في سياق مسعى موسكو لتوسيع قوام جيشها، في ظل استمرار الصراع والأزمات الأمنية. 1
كما أن هناك قانونًا جديدًا يسمح لأجانب بالدخول إلى الجيش الروسي. وفق مراسلات سابقة، أصدر الرئيس الروسي مرسومًا ينظّم “خدمة الأجانب” في القوات المسلحة، ما قد يُفسّر كيف يتمّ ضمّ غير المواطنين في صفوف
آليات استقطاب مغرية
من أبرز الأساليب التي تستخدمها روسيا حالياً لجذب المجندين غير الروسيين هي عرض مزايا مالية. حيث لجأ الجيش الروسي إلى شاحنات تجنيد متنقلة تُقدّم عروضًا مغرية، بينها رواتب عالية بالمقارنة مع بعض الدول. هذا الأسلوب يجعل فكرة الالتحاق مغرية للبعض، خاصة الطلاب الأجانب الذين يبحثون عن وسيلة لتحقيق دخل أو استقرار خلال مدة الدراسة.
حالة التونسيين: واقع أم إشاعة؟
حتى الآن، لا توجد تقارير مؤكّدة وموثوقة على نطاق واسع تقول إن هناك عمليات تجنيد ممنهجة للتونسيين الذين يدرسون في روسيا، لكن القصة التي روجتها بعض المنصات والمجتمعات الإلكترونية تعكس خوفًا من هذا الاحتمال، لا سيما مع تزايد حملات التعبئة واستخدام روسيا لمعارض استقطاب خارجي.
من جهة أخرى، يشير محللون إلى أن التجنيد الإجباري في روسيا يخضع لقوانين جديدة وتعديلات تهدف لتسهيل استدعاء المزيد من الأفراد. كما أن الأجانب الذين يُجندون قد يحصلون على جنسية، وفقًا لبعض المصادر.
تحذيرات ونصائح للأهالي والطلاب
إذا كان الأهل في تونس يفكرون في إرسال أبنائهم للدراسة في روسيا، فإن ما يُثار الآن يُعد تحذيرًا مهمًا. من الضروري:
- التأكد من الوثائق الرسمية المتعلقة بتأشيرة الطالب ونوع الإقامة (طالب وليس عامل).
- مراجعة شروط التجنيد البريدي أو القانوني المرتبط بإقامة الأجانب في روسيا.
- التواصل مع السفارة التونسية في روسيا للحصول على معلومات محدثة حول حقوق التونسيين المقيمين هناك، وكيفية تجنّب المخاطر المحتملة.
- التشاور مع جهات مختصة أو جمعيات طلابية تونسية في روسيا لمعرفة تجارب من سبقهم.
خاتمة
القصة التي تروّج عن تحول بعض الطلاب التونسيين في روسيا من الدراسة إلى خنادق الجيش الروسي ليست مؤكَّدة بالكامل على الصعيد الإعلامي الرسمي، لكنّها تثير تساؤلات جدية حول سياسة التجنيد في روسيا اليوم وكيف يمكن أن تؤثر على أجانب يقيمون هناك بدافع التعليم. في ظل هذا الواقع المعقّد، يصبح الوعي والإعداد قبل السفر أمرًا ضروريًا لأي طالب يرغب في الانطلاق نحو الدراسة في الأراضي الروسية، لضمان الحفاظ على حقوقه وسلامته.