مأساة تهزّ القلوب: وفاة الطفلة لينة بوغديري تحت عجلات شاحنة مسرعة
في حادث مأساوي اهتزّت له مشاعر التونسيين، فقدت الطفلة لينة بوغديري، ذات الخمس سنوات، حياتها إثر صدمها من قبل شاحنة كبيرة كانت تسير بسرعة مفرطة، لتتحوّل لحظات الانتظار الهادئة أمام متجر إلى مأساة أليمة خلّفت حزناً عميقاً في قلوب عائلتها وكل من عرفها. لينة، التي كانت تزاول تعليمها في السنة التحضيرية بروح مرحة وابتسامة لا تفارق وجهها، رحلت في لحظة خاطفة بسبب تهوّر لم يترك لها فرصة للنجاة.
الحادث وقع عندما كانت والدتها قد خرجت بها من الروضة، ووقفت لدقائق قليلة أمام متجر لقضاء حاجة بسيطة، تاركة طفلتها على الرصيف في وضع طبيعي لا يشير إلى أي خطر. لكن في غفلة من الزمن، ظهرت شاحنة كبيرة مسرعة بشكل غير مسؤول، لتصدم الصغيرة وتضع حدّاً لحياتها على عين المكان. المشهد كان صادماً لكل من شاهده، وأثره النفسي كان كبيراً على العائلة التي لم تتوقع أن يتحول يوم عادي إلى كارثة غير قابلة للنسيان.
هذه المأساة فتحت من جديد ملفّ القيادة المتهوّرة في الطرقات، خاصة من قبل بعض سائقي الشاحنات الثقيلة الذين لا يلتزمون بقواعد السلامة، ويشكّلون خطراً دائماً على المارّة، خصوصاً الأطفال. كثير من المواطنين عبّروا عبر منصّات التواصل عن غضبهم من تكرار مثل هذه الحوادث، داعين إلى ضرورة مضاعفة الرقابة وتطبيق القوانين بصرامة، حتى لا تتحول الطرقات إلى مساحة للفوضى والاستهتار بالأرواح.
كما أعادت الحادثة طرح سؤال مهم: إلى أي مدى يتم احترام محيط المؤسسات التربوية والفضاءات التي يتواجد فيها الأطفال؟ فغياب الردع والرقابة يجعل مثل هذه الحوادث تتكرر، رغم الدعوات المستمرة لاتخاذ إجراءات تضمن سلامة الأطفال في الشوارع والطرقات العامة. فالأرواح البريئة لا يجب أن تكون ثمناً لتجاوزات يمكن تفاديها بقليل من الانتباه والانضباط.
رحيل لينة هو فاجعة إنسانية قبل أن يكون حادث مرور. طفلة لم تعش من الحياة سوى سنواتها الأولى، ولم تكتمل أحلامها ولا خطواتها الأولى نحو المستقبل. ووالدتها التي كانت تخطّط للعودة إلى المنزل مع ابنتها، وجدت نفسها تواجه صدمة لا تتحملها القلوب. الألم كبير، والحسرة أعمق، لكن الدعاء يبقى الوسيلة الوحيدة لمواساتها.
إن مثل هذه الحوادث تستدعي وقفة جادة من جميع الأطراف: السلطات، المجتمع، والسائقين. فالحياة أغلى من أن تُهدر بسبب لحظة تهوّر، وعلى الجميع أن يدرك أن احترام الطريق هو مسؤولية أخلاقية قبل أن يكون واجباً قانونياً. لا بد من تكثيف المراقبة، تعزيز الوعي، ومعاقبة كل من يستهتر بأرواح الآخرين، حتى لا تتكرر هذه الصور المؤلمة مرة أخرى.
رحم الله الطفلة لينة بوغديري، وأسكنها فسيح جناته، وألهم أهلها جميل الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون.