اخبار المشاهير

سوسة: إصدار بطاقة إيداع بالسجن في حق ناشطة معروفة على “تيك توك” بعد توجيه تهم تتعلق بمحتوى غير لائق

أذنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بسوسة 2 بإصدار بطاقة إيداع بالسجن في حق فتاة عشرينية تُعرف باسم “بنت الحاج”، وهي إحدى الناشطات المعروفات على منصة “تيك توك”، وذلك على خلفية جملة من التهم المتعلقة بنشر محتوى اعتبر مخالفاً للقيم والأخلاق العامة.

ووفق المعطيات التي أوردتها مصادر قضائية مطلعة، فإن قرار الإيداع بالسجن جاء بعد أن وجهت إلى المعنية تهم تتعلق بـ نشر مقاطع فيديو وصور تحتوي على مضامين خادشة للحياء، و”لفت النظر لوجود فرصة لارتكاب سلوك منافٍ للأخلاق الحميدة”، إضافة إلى تهمة الإيهام بجريمة، بعد أن نشرت في وقت سابق خبراً مضللاً عن تعرضها للاعتداء.

وقد باشرت الفرقة المختصة بالبحث في جرائم المعلومات والاتصال التحقيق مع الفتاة إثر ورود عدة بلاغات من مواطنين وهيئات رقابية اعتبرت أن المحتوى الذي كانت تنشره لا يتناسب مع القيم المجتمعية التونسية، ويُعدّ مخالفاً لمقتضيات القانون المتعلق بالجرائم الإلكترونية والمجلة الجزائية.

وأشار ممثل النيابة العمومية إلى أنّ هذا القرار يأتي في إطار تطبيق القانون وحماية الفضاء الرقمي من الانفلات الأخلاقي، مؤكداً أن حرية التعبير مكفولة بالدستور، لكنها لا تعني المساس بالآداب العامة أو الترويج لسلوكيات تتنافى مع القانون أو قيم المجتمع.

ويُذكر أن إدارة منصة “تيك توك” كانت قد أغلقت حساب الفتاة الأصلي في وقت سابق بسبب تبليغات متكررة حول مخالفات لمعايير المجتمع المعتمدة في المنصة، لتقوم لاحقاً بفتح حسابات جديدة نشرت من خلالها محتوى مشابهاً، ما أعاد الجدل حول مدى فعالية الرقابة الرقمية في تونس، وأيضاً حول دور المنصات العالمية في حماية المستخدمين من المحتوى غير اللائق.

الحادثة أثارت نقاشاً واسعاً في الأوساط الاجتماعية والإعلامية، حيث عبّر عدد من التونسيين عبر مواقع التواصل عن دعمهم لتطبيق القانون، معتبرين أن انتشار بعض السلوكيات على المنصات الرقمية بات يحتاج إلى ضبط أكبر لحماية الشباب من التأثيرات السلبية. في المقابل، رأى آخرون أن مثل هذه القضايا يجب أن تُعالج في إطار تربوي وثقافي، من خلال تعزيز الوعي الرقمي وتشجيع المستخدمين على إنتاج محتوى إيجابي وهادف.

من جانبها، شدّدت منظمات المجتمع المدني المهتمة بالإعلام الرقمي على ضرورة إيجاد توازن بين حرية التعبير والمسؤولية الرقمية، معتبرة أن مواجهة المحتوى غير اللائق لا تكون فقط بالعقوبات القضائية، بل أيضاً عبر التوعية والتثقيف ومراقبة المحتوى من طرف الشركات المالكة للمنصات.

كما دعا مختصون في القانون إلى مراجعة الإطار التشريعي المنظم للمحتوى الإلكتروني في تونس، حتى يواكب التطورات الرقمية المتسارعة ويحمي المستخدمين من أي تجاوزات دون المساس بالحريات الفردية.

وتُعد هذه القضية واحدة من أبرز الملفات التي سلطت الضوء على التحديات الأخلاقية والقانونية في زمن المنصات الاجتماعية، حيث أصبح المحتوى يُنتج ويُنشر بسرعة فائقة، ما يجعل الرقابة القانونية والأخلاقية أكثر تعقيداً من أي وقت مضى.

وفي انتظار ما ستؤول إليه التحقيقات المقبلة، تظل هذه القضية مثالاً صارخاً على أهمية الاستخدام المسؤول لوسائل التواصل الاجتماعي، وضرورة ترسيخ ثقافة تحترم القانون وتحافظ على القيم العامة في الفضاء الرقمي.