مسنّ يبلغ من العمر 93 سنة يطلق نداء استغاثة بعد أن فقد منزله وأرضه بسبب خلاف عائلي مؤلم
في قصة إنسانية مؤثرة تُبكي القلوب وتكشف حجم معاناة بعض كبار السن، أطلق رجل تونسي يبلغ من العمر 93 سنة نداء استغاثة إلى الرأي العام والسلطات، بعد أن وجد نفسه مهددًا بالطرد من منزله الذي عاش فيه عقودًا طويلة، بسبب خلاف عائلي مع ابنته التي يتهمها بالتحيّل والاستيلاء على ملك والدتها المتوفاة.
يقول الرجل بصوت مبحوح يملؤه الألم: «بنتي تحب تخرجني من داري، بعد ما تحيّلت على أمها وخذات الأرض والدار باسمها… ما بقات رحمة لا شفقة». كلمات بسيطة لكنها تختصر معاناة عميقة لرجل قضى عمره في العمل والكدّ لتأمين حياة كريمة لعائلته، ليجد نفسه اليوم وحيدًا في مواجهة واقع صعب وقاسٍ.
تعود تفاصيل القصة، حسب رواية المتضرر، إلى خلافات قديمة على الميراث بعد وفاة زوجته، حيث كانت الملكية مسجّلة باسم الأم الراحلة. ويؤكد الرجل أنه وثق في ابنته وتركها تتولى الإجراءات القانونية لإتمام الوثائق، غير أنه تفاجأ لاحقًا بأنها نقلت الملكية باسمها الشخصي، لتتحول الثقة الأبوية إلى صراع قضائي مرير.
هذه القصة المؤلمة ليست حالة فردية، بل تعكس ظاهرة تتزايد في المجتمع التونسي، حيث يصبح بعض كبار السن ضحايا للاستغلال أو الإهمال داخل أسرهم، رغم أن القوانين التونسية واضحة في حماية حقوق المسنين وضمان كرامتهم. فقد أقرّ القانون عدد 10 لسنة 2019 أحكامًا خاصة بحماية كبار السن من جميع أشكال التهميش أو العنف أو الإقصاء الاجتماعي.
من جهته، دعا محامون وحقوقيون إلى ضرورة التدخل العاجل من قبل السلطات الاجتماعية والقضائية لمساندة المسنّ وتمكينه من حقوقه القانونية، مشيرين إلى أن «استغلال الضعف أو الجهل بالقانون في مسائل الميراث أو الملكية يُعد شكلاً من أشكال التحيّل المعاقب عليه قانونًا». كما شددوا على أهمية التوعية القانونية لدى كبار السن حتى لا يقعوا ضحية للثقة العمياء أو لسوء النية من المقربين.
الجمعيات المدنية الناشطة في مجال رعاية المسنين عبّرت بدورها عن تضامنها الكامل مع هذا الرجل، معتبرة أن قصته «تعبّر عن أزمة قيم قبل أن تكون نزاعًا قانونيًا». وطالبت بضرورة تفعيل آليات المرافقة الاجتماعية والقانونية للمسنين، خاصة في المناطق التي تغيب فيها المتابعة الميدانية.
في ظلّ هذا الواقع المؤلم، يبقى الأمل في أن تجد صرخة هذا الأب طريقها إلى القلوب والضمائر، وأن تتحرك الجهات المعنية لإيجاد حلّ عاجل يضمن له العيش الكريم في بيته الذي أمضى فيه أجمل سنوات عمره. فاحترام كبار السن ليس مجرّد واجب أخلاقي، بل هو مقياس لإنسانية المجتمع بأسره.
رحمةً بكبارنا الذين تعبوا من أجلنا، يجب أن نتذكّر أنّ البرّ بالوالدين لا يتوقف بالعمر، وأنّ الظلم داخل الأسرة لا يبرره أي خلاف مادي. فالأرض تُعوّض، لكن كسر قلب والدٍ تسعيني لا يُجبر أبدًا.