اخبار عامة

وفاة الطفل زيد العياري تثير صدمة في تونس: مطالب بفتح تحقيق عاجل بعد خطأ طبي مروع

خيم الحزن والأسى على الأوساط التونسية بعد الإعلان عن وفاة الطفل زيد العياري، الذي فارق الحياة بمستشفى الحروق ببن عروس إثر مضاعفات خطيرة ناتجة، وفق رواية عائلته، عن دواء وُصف له عن طريق الخطأ في أحد مستشفيات العاصمة.
القضية أثارت جدلاً واسعاً في الشارع التونسي، لما تحمله من أبعاد إنسانية وطبية وأخلاقية، وسط دعوات متزايدة لمحاسبة كل من يثبت تورطه في هذا الإهمال الطبي المأساوي.

ووفق ما أكّدته العائلة، فإن الطفل زيد، البالغ من العمر 8 سنوات، كان يقضي عطلة قصيرة لدى جديه عندما أصيب بارتفاع مفاجئ في درجة الحرارة. وبمجرد نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج، تم منحه دواءً تبيّن لاحقاً أنه غير ملائم لحالته الصحية، ما تسبب في تدهور سريع وخطير لحالته وظهور حروق من الدرجة الثالثة على كامل جسده الصغير.

العائلة أوضحت أنّ عملية نقل الطفل إلى مستشفى الحروق ببن عروس لم تتم بالسرعة المطلوبة، إذ استغرقت قرابة أسبوع كامل، وهو ما ساهم في تفاقم حالته الصحية رغم محاولات الطاقم الطبي إنقاذه. وبعد أيام من المعاناة، فارق زيد الحياة متأثراً بتلك المضاعفات، مخلفاً وراءه صدمة كبيرة بين أفراد أسرته وكل من تابع قصته المؤلمة.

وقد عبّر والدا الطفل، المقيمان حالياً خارج البلاد، عن حزن عميق لفقدان ابنهما، مشيرين إلى أنهما يتابعان كل تفاصيل الملف من الخارج، ويطالبان بفتح تحقيق شامل لتحديد المسؤوليات، سواء فيما يخص وصف الدواء أو التأخير في عملية الإحالة الطبية.

من جانبها، دعت منظمات المجتمع المدني وعدد من الجمعيات الناشطة في مجال الصحة إلى ضرورة الإسراع في التحقيق ومراجعة بروتوكولات صرف الأدوية بالمؤسسات الاستشفائية، لتفادي تكرار مثل هذه الأخطاء التي قد تكلّف حياة أبرياء. كما شددت على أهمية تفعيل الرقابة الطبية والإدارية داخل المستشفيات، وتكوين الإطارات الصحية في مجالات التشخيص الدقيق والتصرف الآمن في الأدوية.

الحادثة أعادت إلى الأذهان النقاش حول واقع المنظومة الصحية في تونس، لا سيّما ما يتعلق بالنقص في الموارد البشرية والتجهيزات الطبية، إضافة إلى الضغط الكبير الذي تعرفه أقسام الاستعجالي بالمستشفيات العمومية. وقد اعتبر عدد من المختصين أن مثل هذه الحالات، رغم ندرتها، تبرز الحاجة الماسة إلى إصلاحات هيكلية شاملة تضمن سلامة المرضى وتحمي الإطارات الطبية من الأخطاء الناتجة عن الإرهاق وسوء التنظيم.

وفي انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات الرسمية، يعيش الشارع التونسي حالة من الغضب والحزن، وسط مطالبات متزايدة بالعدالة لعائلة الطفل زيد العياري، الذي رحل في سن مبكرة تاركاً وراءه جرحاً عميقاً في قلوب التونسيين.

رحم الله الطفل زيد العياري، وأسكنه فسيح جناته، وألهم عائلته وذويه جميل الصبر والسلوان. وتبقى قصته المؤلمة نداءً وطنياً للحرص على حياة كل مريض، ومناسبة للتأكيد على أن سلامة المواطنين يجب أن تكون أولوية مطلقة في المنظومة الصحية التونسية.