اخبار عامة

جريمة مأساوية تهزّ قفصة: وفاة فتاة تبلغ من العمر 16 سنة على يد والدها بعد خلاف عائلي

اهتزّت منطقة الحميلة من ولاية قفصة على وقع فاجعة إنسانية مؤلمة راحت ضحيتها فتاة في ربيعها السادس عشر تُدعى جيهان، بعد أن أقدم والدها على الاعتداء عليها في لحظة غضب إثر خلاف بسيط حول مسألة مادية. الحادثة أثارت صدمة كبيرة في صفوف الأهالي والرأي العام، لما تحمله من قسوة وغرابة في التفاصيل، خاصة وأنها تعكس مأساة اجتماعية عميقة.

وفقًا للمعطيات الأولية، فإن الخلاف نشب داخل المنزل عندما طلبت الفتاة من والدها أن يمدّها بمبلغ مالي بسيط لتعبئة رصيد هاتفها الجوال، إلا أن النقاش تطور بسرعة بين الطرفين إلى مشادة حادة، انتهت باعتداء الأب على ابنته، مما أدى إلى إصابتها إصابات خطيرة لفظت على إثرها أنفاسها الأخيرة قبل وصولها إلى المستشفى.

الجيران الذين سمعوا الصراخ سارعوا إلى التدخل، لكنهم وجدوا جيهان ممددة على الأرض فاقدة الوعي، فيما فرّ الأب من المكان مباشرة بعد الواقعة. وقد تم إعلام السلطات الأمنية التي تحولت على عين المكان وفتحت تحقيقًا عاجلًا تحت إشراف النيابة العمومية بقفصة لتحديد ملابسات الجريمة والقبض على الجاني الفارّ.

الخبر نزل كالصاعقة على سكان الحميلة، الذين عبّروا عن حزنهم العميق واستنكارهم لما حصل، معتبرين أن ما جرى “فعل لا يمكن تصوره”، خاصة أن الجميع عرف الأب كرجل هادئ في حياته اليومية. ويؤكد شهود أن الخلاف كان بسيطًا جدًا ولا يبرر على الإطلاق ما حدث، مما دفع المختصين الاجتماعيين إلى الحديث عن ظاهرة العنف الأسري المتزايدة التي أصبحت تمثل خطرًا حقيقيًا على الأسرة التونسية.

من جهتها، عبّرت جمعيات حماية الطفولة عن أسفها العميق لهذه الحادثة، معتبرة أن المجتمع بحاجة إلى وقفة جديّة لمراجعة طريقة التعامل مع الأبناء والمراهقين، الذين يعيشون مرحلة حساسة تتطلب الحوار والاحتواء لا العنف والانفعال. ودعت الجمعيات إلى تفعيل برامج الدعم النفسي والتربوي داخل الأسر، وإطلاق حملات توعية حول أهمية التواصل الأسري والرقابة الأبوية المتوازنة.

وفي السياق ذاته، أكد مختصون في علم النفس أن مثل هذه الحوادث المأساوية تنشأ غالبًا نتيجة ضغوط اجتماعية واقتصادية يعيشها بعض الآباء، مما يجعلهم أكثر عرضة للانفعال أو سوء التقدير في لحظة غضب. كما شددوا على أن غياب ثقافة الحوار داخل الأسرة قد يحوّل أي خلاف بسيط إلى مأساة.

السلطات الأمنية واصلت عمليات التمشيط للقبض على الأب الهارب، وسط دعوات من المواطنين إلى ضرورة تقديمه للعدالة لينال جزاءه وفق القانون. فيما نظّم بعض الأهالي وقفة تضامنية رمزية أمام منزل العائلة، طالبوا فيها بمزيد من الحماية القانونية للأطفال داخل أسرهم.

تغادر جيهان هذه الدنيا تاركة خلفها صدمة كبيرة ودموعًا لا تجف، ورسالة مؤلمة بأن العنف لا يمكن أن يكون حلًّا مهما كانت الظروف. تبقى العدالة وحدها الكفيلة بإنصاف الضحية، ويبقى الوعي الأسري السلاح الأقوى لحماية أبنائنا من التهور والندم