اخبار عامة

مأساة إنسانية مؤلمة: أمّ في الـ86 تُجبر على العمل في الزيتون لتأكل بعد أن سلبها أبناؤها رزقها

في قصة تُدمي القلوب وتكشف واقعاً مؤلماً من الجحود الأسري، تعيش امرأة تونسية تبلغ من العمر 86 سنة وضعاً إنسانياً صعباً بعدما استولى أبناؤها على كل ممتلكاتها، تاركينها دون مورد رزق أو رعاية، لتجد نفسها مضطرة إلى العمل في جني الزيتون كي تؤمّن علاجها وطعامها اليومي.

هذه الأم المسنّة، التي أفنت عمرها في تربية أبنائها وبناء مستقبلهم، لم تتخيل يوماً أن العقوق سيأتي من أقرب الناس إليها. فبعد أن كبرت وضعفت قواها، وجدت نفسها مرفوضة ومهمّشة من طرف بعض أبنائها الذين استحوذوا على أرضها وميراثها، تاركينها تواجه قسوة الحياة بمفردها.

ورغم مرضها وتقدم سنها، لجأت هذه الأم إلى ابنتها الوحيدة التي فتحت لها باب بيتها وقلبها، محاولةً أن تمنحها ما حُرمت منه من حنان وكرامة. تقول الابنة، التي روت القصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إن والدتها تعمل رغم عمرها في موسم الزيتون لتوفر ثمن الأدوية والطعام، في مشهد يُلخص قسوة الواقع الذي تعيشه الكثير من الأمهات المسنّات في المجتمع التونسي.

القصة سرعان ما لاقت تفاعلاً واسعاً وتعاطفاً كبيراً من التونسيين الذين عبّروا عن استيائهم من هذا السلوك غير الإنساني، معتبرين أن ما حدث لهذه الأم ليس مجرد واقعة فردية بل ظاهرة مؤلمة تتكرر بصمت في عدة مناطق ريفية، حيث تُسلب النساء المسنّات حقوقهن في الأرض والميراث بحجة العادات أو الطمع في الممتلكات.

من الناحية القانونية، يؤكد خبراء أن ما تعرّضت له هذه المرأة يدخل في إطار الاستيلاء على الممتلكات بالعنف المعنوي أو الخداع، وهي جريمة يعاقب عليها القانون التونسي. كما يشيرون إلى أن كبار السنّ الذين يُحرمون من مواردهم أو يُهمّشون من عائلاتهم يستحقون حماية قانونية واجتماعية عاجلة، من خلال تفعيل مؤسسات الرعاية ودور المسنين ومراكز الإحاطة النفسية.

أما من الجانب الإنساني، فقد أثارت القصة تساؤلات عميقة حول تفكك الروابط الأسرية وتراجع القيم الاجتماعية الأصيلة التي طالما ميّزت المجتمع التونسي. فالأم التي كانت رمز العطاء والرحمة أصبحت اليوم ضحية الجحود والطمع، في وقت يُفترض أن تعيش فيه ما تبقى من عمرها بكرامة وسكينة بين أبنائها.

عدد من الجمعيات الحقوقية وجّهت نداءً عاجلاً إلى وزارة المرأة والأسرة وكبار السنّ للتدخل والتحقيق في القضية، وضمان حق هذه الأم في أرضها ومورد رزقها، مع تقديم الدعم المادي والنفسي اللازم لها. كما دعا نشطاء المجتمع المدني إلى إطلاق حملة وطنية للتوعية بحقوق المسنينومناهضة كل أشكال العنف الأسري ضدهم، سواء كان مادياً أو معنوياً.

هذه القصة ليست مجرد حادثة عائلية مؤلمة، بل صرخة في وجه ضمير المجتمع، ورسالة تذكير لكل ابن وابنة أن رضا الأمّ لا يُقاس بالمال، وأن من يظلم والديه اليوم يظلم نفسه وغده.

رحم الله من ربّى فأحسن، وأطال الله عمر كل أمّ تعيش بالكفاح بعد أن خانها أقرب الناس إليها.