اخبار عامة

قضية عائلية مؤلمة: أمّ تروي تفاصيل معاناتها بعد أن فقدت أرضها بسبب تحيّل قانوني

في واقعة إنسانية مؤلمة أثارت تعاطفًا واسعًا، تروي سيدة تونسية قصتها بعد أن وجدت نفسها مهددة بفقدان منزلها وأرضها التي تعبت في بنائها طيلة سنوات، إثر نزاع عائلي مع ابنتها التي تتهمها بالتحيّل واستغلال الثقة الممنوحة لها. القصة بدأت بنية حسنة، لكنها انتهت إلى مأساة قانونية وأسرية يصعب تخيّلها.

تقول الأم، وهي في حالة نفسية صعبة، إنها قامت منذ فترة بتصحيح عقد رسمي كانت قد وقّعته لابنتها على أساس “كراء مؤقت”، وذلك بهدف مساعدتها على الاستقرار مؤقتًا وإدارة قطعة الأرض بطريقة قانونية. لكنها تفاجأت فيما بعد بأن العقد تحوّل إلى “هبة” (تمليك)، ما يعني قانونيًا نقل الملكية بالكامل لابنتها. وبذلك أصبحت هي، من الناحية القانونية، دون حق في التصرف أو السكن في المنزل الذي بنته بعرق جبينها.

تضيف المتضرّرة أن ما حدث كان نتيجة “غش وتحيّل” حسب تعبيرها، مؤكدة أنها لم تكن تدرك تفاصيل الوثائق التي وقّعتها، وأنها اعتمدت على ثقتها الكاملة في ابنتها التي استغلت الموقف بطريقة مؤلمة. وتتابع قائلة: «ما كنتش نتصور بنتي تغشني… كنت نحسبها سندي، أما اليوم تحب تخرجني من داري».

من جهته، يوضّح أحد المحامين أن مثل هذه القضايا شائعة في المحاكم التونسية، حيث يقع العديد من كبار السن ضحايا لعمليات تحيّل عائلية بسبب جهلهم بالإجراءات القانونية أو بسبب ثقتهم المطلقة في الأبناء أو الأقارب. ويؤكد أن الحل في مثل هذه الحالات يكمن في رفع دعوى لإثبات سوء النية أو استغلال حالة ضعف أو جهل بالقانون، مع إمكانية الطعن في العقد إذا ثبت أن التصرف لم يكن عن إرادة حقيقية أو وعي تام بالنتائج.

القضية أثارت نقاشًا واسعًا حول ضرورة حماية كبار السن من الاستغلال، حتى لو كان من أقرب الناس إليهم. الجمعيات المدنية المختصة بشؤون الأسرة والمرأة دعت إلى إدخال تعديلات على القانون التونسي لضمان حماية أفضل للأولياء وكبار السن في المعاملات العقارية، خاصة عندما تكون بينهم وبين الأبناء أو الأقارب من الدرجة الأولى.

ويرى الخبراء الاجتماعيون أن مثل هذه القصص تعكس أزمة ثقة داخل بعض العائلات، حيث تغيب روح الاحترام والتفاهم لتحل محلها المصلحة المادية. ويؤكدون أن تربية الأبناء على الصدق والوفاء تظلّ الركيزة الأساسية لبناء أسرة متماسكة، لأن المال والعقارات تزول، لكن العلاقة الأسرية يجب أن تبقى أقوى من أي خلاف.

وفي ختام القصة، تبقى هذه الواقعة المؤلمة تذكيرًا للجميع بأهمية الوعي القانوني عند توقيع العقود، حتى داخل العائلة، وأيضًا بدور الدولة والمجتمع في حماية الفئات الهشة من أي شكل من أشكال الاستغلال. فالثقة قيمة نبيلة، لكنها لا تُغني عن الحذر والتأكّد من الحقوق، لأن الخطأ في التوقيع قد يكلّف الإنسان بيته وأمانه وحياته.