عملية اغت.يال لامين الكساسي في وضح النهار
في حادثة جديدة تهزّ الرأي العام، تتجدّد المأساة داخل عائلة واحدة بعدما فقدت ابنها الثاني في واقعة قتل وُصفت بالوحشية، وذلك بعد خمس سنوات فقط من مقتل الابن الأكبر سنة 2020. هذا الحدث الصادم يعيد إلى الواجهة النقاش حول تصاعد العنف المنظّم وتداعياته الاجتماعية، خصوصًا حين تصبح بعض العائلات ضحية متكرّرة لدائرة إجرامية لا تهدأ.
الضحية، المعروف باسم كساسي، لم يكن مجرد شاب عادي في منطقته، بل اشتهر بانخراطه في دعم عائلات ضحايا الجريمة المنظمة، وخاصة تلك المرتبطة بشبكات تجارة المخدرات. هذا النشاط جعله قريبًا من العديد من الملفات المعقّدة، ومطلّعًا على معاناة من فقدوا أبناءهم في ظروف مشابهة. ومع ذلك، لم يتوقّع أحد أن يصبح بدوره ضحية أخرى في سلسلة العنف التي لا تنتهي.
تصف شهادات محلية أجواءً من الحزن والذهول التي خيّمت على المنطقة فور انتشار خبر مقتله. فالجريمة لم تؤلم العائلة فقط، بل هزّت مجتمعًا كاملاً كان يرى في الضحية صوتًا للحق ومناصراً لضحايا الإجرام. البعض يرى أن استهدافه قد يكون مرتبطًا بمواقفه الصريحة ودوره في التحسيس بخطورة العصابات المنظمة، فيما يشير آخرون إلى أن تصاعد التوتر بين شبكات تهريب المخدرات يخلق مناخًا ملائمًا لتصفية الحسابات.
وتوضح الحادثة حجم التحديات التي تواجهها السلطات في مكافحة الجريمة المنظمة، خاصة حين تصبح هذه الشبكات قادرة على اختراق الأحياء وفرض منطق القوة والترهيب. كما تبرز الضرر الاجتماعي المتفاقم الذي يصيب العائلات التي تجد نفسها ضمن هذه الدوامة، حيث يتحوّل الألم من فقدان شخص إلى رعب يومي من إمكانية تكرار المأساة.
وتأتي هذه الواقعة في وقت تتزايد فيه الدعوات من المواطنين والناشطين ومنظمات المجتمع المدني لتعزيز إجراءات الأمن الوقائي، وتكثيف الجهود لكشف شبكات التهريب والعصابات، والعمل بشكل جدي على حماية الشهود والناشطين الذين يتحركون في هذا المجال الحساس. فحماية المجتمع تبدأ بحماية أولئك الذين يواجهون المخاطر من أجل كشف حقيقة هذه الشبكات.
من جهة أخرى، يتساءل كثيرون عن مصير التحقيقات المتعلقة بمقتل شقيق كساسي الأكبر سنة 2020، وما إذا كانت هناك صلة بين الجريمتين. هذا السؤال يعكس عدم الثقة الشعبية في قدرة المنظومة الأمنية على تفكيك الروابط الخفية بين هذه الجرائم التي تبدو منفصلة ظاهريًا، لكنها قد تكون جزءًا من شبكة مترابطة من العنف.
إن مأساة العائلة التي فقدت ابنَيها خلال سنوات قليلة تمثّل مثالًا صارخًا عن حجم الخسارة البشرية التي تتسبب فيها الجريمة المنظمة. وهي تذكير مؤلم بأن تأثيرات هذه الآفة تتجاوز الاقتصاد غير الشرعي لتصيب نسيج المجتمع نفسه، وتغذي مشاعر الخوف والإحباط لدى الأفراد.
في النهاية، تبقى الحاجة ملحّة لخطط أمنية واجتماعية شاملة، تُشرك الدولة والمجتمع المحلي على حدّ سواء، من أجل كسر حلقة العنف وحماية الشباب من الوقوع ضحية لهذه الشبكات. فقصة كساسي وأخيه ليست مجرد حادثة معزولة، بل مرآة لواقع يستدعي معالجة حقيقية وجذرية، حتى لا تتكرر مثل هذه المآسي مرة أخرى.