اخبار عامة

القيروان: جدل واسع بعد تس..ميم قطط في مطعم جامعي

مأساة في مطعم جامعي بالقيروان: تسميم قطط يثير الجدل ويطرح أسئلة مؤلمة

في حادثة هزّت الرأي العام المحلي وأثارت موجة من الغضب على شبكات التواصل الاجتماعي، تداولت إفادات عن إقدام بعض العاملين في أحد المطاعم الجامعية بالقيروان على وضع سمّ لعدد من القطط التي تتجول عادة في محيط المطعم. وقد برّر البعض هذا التصرف بالرغبة في التخلص من تكاثر هذه الحيوانات، بينما رأى آخرون أن ما حدث جريمة أخلاقية وقانونية لا يمكن تبريرها.

القضية سرعان ما تحوّلت إلى موضوع نقاش واسع، بين من يعتبر أنّ وجود القطط داخل المطاعم يشكّل إشكالًا صحّيًا ويجب التعامل معه بجدّية، وبين من يؤكد أن اللجوء إلى التسميم يُعدّ فعلًا لا إنسانيًا يعكس غياب الوعي بطرق الرفق بالحيوان.

خطورة التسميم في الفضاءات العامة

ما يثير القلق أكثر أنّ استعمال مواد سامة في فضاء يرتاده مئات الطلبة يوميًا يمكن أن يشكّل خطرًا مباشرًا على صحة الإنسان أيضًا. فبقايا السم قد تختلط بالطعام أو تنتشر على الأرضيات، مما يعرّض الطلبة والعاملين لخطر التسمم العرضي. هذا الجانب يطرح أسئلة ملحّة حول المسؤولية القانونية والأمنية، وحول دور الهياكل المشرفة على المؤسسات الجامعية في ضمان بيئة سليمة وآمنة.

الإطار القانوني في تونس

يُذكر أن القانون التونسي واضح في هذا المجال، إذ تنص مجلة حماية الحيوانات والرفق بها لسنة 2016 على منع إيذاء الحيوانات عمدًا أو التخلص منها بطرق مؤلمة وغير إنسانية. كما يفرض القانون غرامات مالية وحتى عقوبات بالسجن في بعض الحالات، وهو ما يجعل ما حدث – إن ثبتت صحّته – انتهاكًا صريحًا للنصوص القانونية.

البدائل الممكنة

المختصون في مجال حماية الحيوانات يشددون على أن معالجة ظاهرة تكاثر القطط الضالة لا تكون عبر التسميم، بل من خلال برامج منظمة للتعقيم والتطعيم، وهي طرق معمول بها في عديد البلدان وتثبت فعاليتها على المدى الطويل. كما يمكن التعاون مع جمعيات المجتمع المدني التي تنشط في مجال الرفق بالحيوان، لإيجاد حلول إنسانية لا تهدّد الصحة العامة ولا تخالف القوانين.

ردود فعل متباينة

على شبكات التواصل الاجتماعي، تباينت التعليقات بين الحزن والغضب. البعض اعتبر ما حدث “جريمة في حق الكائنات الضعيفة”، فيما برّر آخرون الأمر بضرورة حماية المطعم من التلوث وانتشار الأمراض. غير أنّ أغلب الآراء اتفقت على أنّ اللجوء إلى السم يبقى حلًا غير مقبول وخطير.

دعوة للتحقيق

أمام هذه المعطيات، تبرز الحاجة إلى فتح تحقيق رسمي من قبل الجهات المعنية لمعرفة حقيقة ما جرى، وتحديد المسؤوليات، والتأكد من مدى احترام القوانين والإجراءات الصحية داخل الفضاء الجامعي. فالمسألة لا تتعلق فقط بحقوق الحيوانات، بل أيضًا بسلامة الطلبة والعاملين.

في النهاية، يبقى السؤال المطروح: هل آن الأوان لتبنّي سياسات واضحة للتعامل مع الحيوانات الضالة في تونس، بعيدًا عن الحلول العنيفة والمرتجلة؟ الإجابة عن هذا السؤال ستحدد شكل تعاملنا مع هذه الكائنات مستقبلاً، وتعكس مدى احترامنا لقيم الرحمة والوعي الحضاري.