اخبار عامة

قابس: وفاة شاب أثناء عمله إثر تماس كهربائي تُثير الحزن والتساؤلات حول شروط السلامة المهنية

خيم الحزن على ولاية قابس صباح اليوم بعد وفاة شاب في مقتبل العمر إثر تماس كهربائي تعرّض له أثناء قيامه بعمله. الحادثة المؤلمة وقعت في إحدى الورشات الصناعية، حيث كان الفقيد بصدد تنفيذ مهمة روتينية قبل أن يتعرض لصعقة كهربائية قوية أدت إلى وفاته على عين المكان، رغم محاولات زملائه إسعافه في الوقت المناسب.

ووفق المعلومات الأولية، فإن الضحية كان معروفًا بين زملائه بتفانيه في العمل وأخلاقه العالية. وقد هرعت وحدات الحماية المدنية فور تلقيها البلاغ إلى مكان الحادث، حيث تم نقل الجثمان إلى المستشفى الجهوي بقابس لعرضه على الطب الشرعي وتحديد الأسباب الدقيقة للوفاة. كما تم فتح تحقيق بإذن من النيابة العمومية لمعرفة ملابسات الحادث والتثبت من مدى احترام شروط السلامة المهنية داخل المؤسسة.

مصادر مقربة من عائلة الشاب أكدت أنه كان المعيل الرئيسي لأسرته، وأن وفاته المفاجئة تركت ألماً عميقاً في قلوب أهله وأصدقائه. وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي عشرات الرسائل التي ترثي الفقيد وتدعو إلى ضرورة تحسين ظروف العمل وحماية حياة العمال، خصوصًا في المهن التي تنطوي على مخاطر مرتفعة.

الحادثة أعادت إلى الواجهة قضية السلامة المهنية في أماكن العمل، خاصة في قطاعات الكهرباء والبناء والصناعة التي تسجل سنوياً عدداً من الحوادث القاتلة بسبب ضعف المراقبة أو نقص التجهيزات الوقائية. وبحسب بيانات المرصد الوطني للصحة والسلامة المهنية، فإن تونس تسجل سنوياً مئات الإصابات في مواقع العمل، من بينها حوادث كهربائية تكون غالباً قاتلة.

ويحذر خبراء السلامة من أن العديد من الورشات لا تلتزم بالمعايير الأساسية للوقاية، مثل استعمال القفازات العازلة، وفصل التيار الكهربائي أثناء الصيانة، ومراقبة التجهيزات بشكل دوري. ويؤكدون أن أغلب هذه الحوادث يمكن تفاديها لو تم تطبيق الإجراءات الوقائية بصرامة وتوفير التدريب اللازم للعمال.

من جهتها، عبّرت منظمات المجتمع المدني عن تضامنها مع عائلة الفقيد، داعية السلطات إلى مضاعفة جهود المراقبة وتطبيق القوانين المتعلقة بشروط السلامة في المؤسسات العامة والخاصة. كما طالبت بإطلاق حملات وطنية لتوعية العمال بحقوقهم وواجباتهم، وبأهمية المطالبة بتوفير بيئة عمل آمنة.

في المقابل، شددت وزارة الشؤون الاجتماعية، في بيانات سابقة مماثلة، على أنّ حماية العامل من الأخطار المهنية تمثل أولوية وطنية، مؤكدة أن مفتشيات الشغل تواصل عمليات المراقبة والتوعية لضمان احترام القوانين المنظمة لهذا المجال.

وفاة هذا الشاب في قابس ليست مجرد حادث عرضي، بل مأساة تُعيد طرح سؤال مهم: إلى أي مدى يتم فعلاً احترام معايير السلامة المهنية في تونس؟ إنها دعوة إلى التحرك الفعلي من أجل تجنب تكرار مثل هذه الكوارث التي تسرق أرواح الشباب وتترك وراءها عائلات مكلومة وأحلاماً انطفأت قبل أوانها.

رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته، وألهم ذويه الصبر والسلوان، وجعل من قصته حافزاً لتعزيز ثقافة الوقاية والسلامة في جميع مواقع العمل.