اخبار عامة

صرخة يائسة: عندما يصبح اليأس طريقًا لا محيد عنه

انتشر في الساعات الأخيرة على منصات التواصل الاجتماعي أنباء عن امرأة أقدمت على إحراق نفسها داخل مقر “معتمدية السواسي” بعدما لم تحصل على إعانة مالية كان من المفترض أن تغطي تكاليف عملية جراحية لزوجها. هذه الرواية المؤلمة لقيت صدى واسعاً بين التونسيين، فجّرت موجة من الغضب، التعاطف، والتساؤلات حول واقع تقديم الدعم الاجتماعي، كرامة المواطن، وآليات الحماية الاجتماعية.

مأساة أمّ تبحث عن حقّ

وفق ما تم تداوله، كانت المرأة تبلغ من العمر حوالي متوسطة، تعيش مع زوج مريض بحاجة إلى إجراء عملية جراحية عاجلة. بعد تقديم ملف طلب مساعدات مادية إلى الجهات المعنية، تأخّر قرار المنح، فاختارت — في لحظة يأس — أن توجّه صرختها برسم صورة مأساة أمام أعين الجميع: أضرمـت النار في جسدها داخل مقر المعتمدية «ليعلن المسؤولون أن ما حصل ليس مجرد شكاية مكتوبة، بل صرخة استغاثة».

هذه الصورة المؤلمة أعادت إلى الأذهان حادثة Mohamed Bouazizi الذي أقدم على إحراق نفسه عام 2010 احتجاجاً على مظالم اجتماعية، وكان شرارة تحرّك شعبي واسع غيّر مسار تونس. Wikipédia+2The Guardian+2

بين الحقيقة والشائعات

مع ذلك من المهم التوقّف: لا توجد حتى الآن مصادر إعلامية موثوقة أو تحقيق رسمي يؤكد صحة هذه الحادثة في “معتمدية السواسي”. فلا موقع إخباري معروف نشر خبراً مستقلاً يحقق في الواقعة، ولا بيان صادرة عن الحماية المدنية أو الأمن الوطني يورد تفاصيل. في مثل هذه الحالات، تصبح الرواية متداولة، لكنها تبقى في خانة أنباء غير مؤكّدة.

هذا يعني أن أي مقال أو نقاش حول الموضوع يجب أن يتعامل مع المعلومة بحذر، ويدعو إلى تحقيق رسمي قبل اعتبارها حقيقة.

ما المسؤول أمام مثل هذه الحالات؟

  • السلطات المعنية مطالَبة بالتفاعل السريع: سواء كانت الحادثة صحيحة أو مجرد إشاعة، يجب فتح تحقيق شفاف للتحقق من الوقائع، لضمان احترام الحقوق الإنسانية، ولمنع استخدام العنف بأنواع مختلفة، خاصة حين يتعلق الأمر بمواطن في وضع هش.
  • مؤسسات الحماية الاجتماعية مطالَبة بإعادة النظر في آليات المنح والمساعدات: تأخير متكرر أو رفض غير مبرّر قد يدفع المواطنين إلى اليأس، في مجتمع يعاني من الضغوط الاقتصادية.
  • وسائل الإعلام والصحافة عليها مسؤولية التحقّق قبل النشر: في غياب بيانات رسمية أو مصادر مستقلة، من الأفضل الامتناع عن نشر أنباء قد تكون خاطئة أو مضخّمة، لتجنب زرع الذعر أو تناقل الشائعات.
  • المجتمع المدني والجمعيات الحقوقية مدعوّون إلى دعم الضحايا المحتملين، والنهوض بآليات حماية أفضل للفئات الضعيفة.

صرخة تحذير

مهما كانت الحقيقة في هذه الحادثة — إن حصلت أو لم تحصل — فإنها تذكّرنا بواقع مرير: هشاشة بعض الفئات الاجتماعية، غياب الثقة في المؤسسات، وانفصال المواطن عن آليات الحماية الاجتماعية.

إذا تأكدت الواقعة، فستكون بمثابة صرخة تحذير: أن دولة الحقوق والكرامة لا تزال بعيدة عن كثير من المواطنين. وإن لم تتأكد، فإن مجرد تداولها يعكس خوفًا عميقًا من الإقصاء ومن أن يُترك الإنسان وحده في مواجهة معاناته.

في كلتا الحالتين، يظل السؤال المحوري: متى سيتحول حق العلاج، الضمان الاجتماعي، والكرامة الحكومية من “طلب” إلى “ضمان”؟