اخبار عامة

جريمة مأساوية تهزّ فرنسا: وفاة تونسي في مونسارتو إثر خلاف عائلي مؤلم

شهدت مدينة مونسارتو الواقعة بولاية الألب البحرية جنوب فرنسا، صباح يوم الأحد 2 نوفمبر 2025، حادثة مأساوية تمثلت في وفاة تونسي أصيل منطقة بني ربيعة من معتمدية مساكن بولاية سوسة، إثر خلاف عائلي تطوّر بطريقة مؤسفة داخل منزل العائلة. وقد خلّفت هذه الحادثة صدمة كبيرة لدى الجالية التونسية المقيمة هناك، لما حملته من تفاصيل مؤلمة وغير متوقعة.

ووفق ما أوردته وسائل إعلام فرنسية، فإن الخلاف نشب بين الأب، وهو كهل في الخمسينات من عمره، ونجله البالغ حوالي 28 سنة، داخل شقّتهما الواقعة في أحد الأحياء الهادئة بالمدينة. وتشير المصادر إلى أنّ النقاش احتدّ بين الطرفين لأسباب عائلية، قبل أن يتطور بشكل مفاجئ، وينتهي بطريقة مأساوية.

القوات الأمنية الفرنسية سارعت إلى التدخل بعد تلقيها بلاغًا من الجيران الذين سمعوا صراخًا واستغاثة صادرة من داخل المبنى. وبوصولها إلى المكان، وجدت الضحية مفارقًا للحياة، فيما تم إيقاف الابن على الفور. وقد أذنت النيابة العامة بمدينة غراس بفتح تحقيق عاجل في الحادثة لمعرفة الأسباب الدقيقة التي دفعت إلى هذا التصرف العنيف.

النائب العام الفرنسي إيريك كامو أكّد في تصريح لوسائل الإعلام أنّ الجاني وُضع قيد الاحتفاظ، وسيخضع للفحص الطبي لتحديد حالته النفسية والعقلية، مشيرًا إلى أنّ التحقيق ما زال متواصلاً لتحديد الدوافع الحقيقية وراء الجريمة. وأضاف أنّ الأجهزة المختصة تعمل على تحليل جميع المعطيات المتوفرة، بما في ذلك شهادات الجيران الذين أكدوا سماع جدال عنيف داخل المنزل قبل لحظات من وقوع الحادثة.

وقد أحدثت الواقعة صدمة كبيرة في صفوف الجالية التونسية بفرنسا، خاصة في ظلّ تزايد حالات العنف الأسري داخل الجاليات الأجنبية في السنوات الأخيرة. وأعرب العديد من أبناء الجالية عن حزنهم العميق لما حدث، مؤكدين أنّ الفقيد كان معروفًا بأخلاقه الرفيعة وهدوئه، وأنه لم يُعرف عنه أي خلافات سابقة تُذكر.

ولم تتوقف تداعيات الحادثة عند حدود العائلة أو الجيران، بل امتدت إلى المجتمع المحلي، حيث قامت السلطات الفرنسية بإحداث خلية إنصات ومرافقة نفسية لفائدة سكان العمارة الذين تأثروا بشدة بما شاهدوه، خصوصاً الأطفال. كما تمّ توسيع نطاق الدعم ليشمل المؤسسات التعليمية القريبة بعد أن لوحظت حالات توتر وخوف لدى التلاميذ الذين سمعوا بتفاصيل الواقعة.

ويرى مختصون في علم النفس أنّ مثل هذه الحوادث تبرز أهمية العناية بالصحة النفسية داخل الأسر، خاصة لدى فئة الشباب التي قد تعاني من اضطرابات غير ظاهرة تؤدي إلى تصرفات غير متوقعة. كما شددوا على ضرورة تكثيف برامج الوقاية والتوعية في صفوف الجاليات العربية المقيمة بالخارج لتفادي تفاقم ظواهر العنف الأسري.

هذه الحادثة الأليمة تمثل مأساة إنسانية بكل المقاييس، وتذكّر الجميع بأهمية الحوار داخل الأسرة، وبضرورة البحث عن حلول سلمية لأي خلاف مهما كان حجمه. فالعنف لا يجلب سوى الدمار والمعاناة، في حين تبقى قيم الرحمة والتفاهم هي السبيل الحقيقي للحفاظ على التماسك العائلي والمجتمعي.

رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته، وألهم ذويه الصبر والسلوان، وجعل من قصته تذكيرًا بضرورة تعزيز ثقافة التسامح والسلام الأسري في كل المجتمعات.