سوسة: عصابة “السحر” تتحيّل على امرأة أمام مستشفى فرحات حشاد وتستولي على مجوهراتها وأموالها
في حادثة غريبة ومؤلمة جدّت بمدينة سوسة، سقطت امرأة تبلغ من العمر 55 سنة ضحية عملية تحيّل منظمة نفذتها عصابة ادّعت قدرتها على “فكّ السحر” و”إبطال العين”، مستغلة سذاجة الضحية وحالتها النفسية لتستولي منها على مجوهراتها وأموالها قبل أن تلوذ بالفرار في ظروف غامضة.
ووفق شهادة نجلها أيمن، فإن والدته كانت في طريقها إلى الطبيب بالقرب من مستشفى فرحات حشاد، عندما اقترب منها رجل غريب وأخبرها بأنها “مسحورة هي وعائلتها”، مدّعيًا أنه يستطيع “إراحتها من السحر وإبطال الطلاسم” التي تؤثر على حياتهم. وفي الأثناء، انضم إليه شخصان آخران، أحدهما قال إنه “مغربي” ومتخصص في “الرقية”، وقدّم لها تفاصيل دقيقة عن عائلتها ومشاكل أبنائها، ما جعلها تصدّقهم تمامًا.
بعد أن كسبوا ثقتها، قرأوا عليها بعض “الطلاسم” المزعومة، ما جعلها تشعر بحالة من الارتباك والذهول، ثم طلبوا منها أن ترافقهم في سيارتهم إلى منزلها في المسعدين من أجل “استكمال العلاج”. وهناك، قامت المرأة المسكينة بجلب كل مجوهراتها ومبلغ مالي قدره 500 دينار بالإضافة إلى باكو ملح كما طلبوا منها.
بعدها، طلبوا منها أن ترافقهم مجددًا بالسيارة إلى منطقة الزاوية بزعم أنهم سيمنحونها كمية كبيرة من “الذهب والمال” بعد إجراء طقوس أخرى. وهناك، سلّمها أحدهم دينارًا واحدًا وطلب منها أن تقدمه لشخص أمام المسجد القريب كجزء من “العمل الروحاني”، لكنها عندما عادت إلى مكان السيارة، وجدتها قد اختفت تمامًا ومعها أفراد العصابة.
تقول العائلة إن الأم عادت إلى بيتها في حالة انهيار تام، غير مدركة لما حدث، وكانت تردد جملًا غير مفهومة وكأنها في حالة غيبوبة. وقد أكد ابنها أنها اليوم تمرّ بمرحلة صدمة نفسية حادة، وتخضع للمتابعة الطبية بعد أن دخلت في حالة هستيرية. كما تمّ تقديم شكوى رسمية لدى السلطات الأمنية بسوسة، التي باشرت الأبحاث في القضية لكشف هوية أفراد العصابة وتتبع آثارهم.
التحريات الأولية تشير إلى أن هذه العصابة تنشط منذ فترة طويلة في عدة مناطق، مستغلة ضعف بعض الأشخاص وإيمانهم بالخرافات والشعوذة. كما تبين أن الأسلوب الذي اعتمدوه مشابه لعمليات سابقة تم فيها التحيل على نساء مسنات، عبر إيهامهن بوجود “سحر” أو “لعنة” تتطلب “فكًا روحانيًا” مقابل المال والمجوهرات.
وقد دعا عدد من النشطاء ورواد مواقع التواصل الاجتماعي السلطات إلى تكثيف المراقبة والقيام بحملات توعوية للحد من انتشار مثل هذه الجرائم التي تستهدف المواطنين الأبرياء، خاصة النساء وكبار السن. كما حذروا من خطورة انتشار المشعوذين والدجالين الذين يستغلون الجهل والخوف لتحقيق مكاسب مالية على حساب الآخرين.
تبقى قصة هذه المرأة المؤلمة رسالة واضحة إلى الجميع بضرورة عدم تصديق الدجالين أو التعامل مع الغرباء مهما كانت مبرراتهم، لأن الإيمان بالخرافة أصبح مدخلًا سهلاً لعصابات التحيل التي تتقن أساليب الإقناع والتنويم النفسي.