اغتيال المؤثرة خنساء في ليبيا يهزّ الشارع ويخلّف طفلة يتيمة
في صباحٍ دامِ، اهتزّ المشهد الليبي بخبر اغتيال سيدة الأعمال المعروفـة بـ “خنساء”، في حادث مأساوي أُصيب فيه الوطن كله بقسوة. أُطلق على سيّارتها وابل من الرصاص، وعندما حاولت الهرب انقضّ عليها القاتل وصوّب نحو رأسها في لحظة مأساوية تقشعر لها الأبدان. وقد اغتيلت خنساء وهي في عز عطائها، بعد أن أنجبت مولودة، فباتت هذه الطفلة يتيمة الأم، تُذكّر برحمةٍ أُبعدت عنها بعنفٍ لا يُنسى.
هذه الحادثة ليست فقط جريمة شخصية، بل هي فاجعة إنسانية أثرت في نفوس الليبيين، خاصة في الظروف الحساسة التي تمرّ بها البلاد. فاستغلال العنف المسلّح للانتقام من امرأة ناجحة ومنفتحة على المجتمع يعكس مستوى الانهيار الأمني الذي يعاني منه بعض المناطق في ليبيا، وما قد تحمله هذه الجرائم من رسائل مظلمة تهدّد الاستقرار والازدهار.
خنساء، التي عُرفت بنشاطاتها الاقتصادية ودورها البارز في دعم المشاريع النسائية، أصبحت اليوم رمزًا للمعاناة والبطولة بآن واحد. فالمرأة التي كانت تقود أعمالًا وتواجه تحديات التجارة والابتكار في بلد أصعب ما يكون، لم تجد في النهاية الحماية الكافية لحياتها، بينما قُتبِلت على يد من لم يقدّروا تضحياتها أو عظمة دورها.
تداعيات هذه الجريمة كبيرة جدًا على المستوى الاجتماعي. فالأمهات العاملات في ليبيا وتركيبة المرأة الريادية قد يشعرن الآن بأن الطريق نحو النجاح محفوف بالمخاطر، وأن التسوية الأمنية لا تكفي لحمايتهن من العنف. كما تُعيد هذه الحادثة طرح أسئلة جوهرية عن فعالية القضاء، وضرورة وجود محاكمات عادلة وسريعة، وعن دور المجتمع المدني في الضغط من أجل محاسبة مرتكبي هذه الجرائم.
كما أن خبر الاغتيال يشكّل صدمة عميقة لدى العائلة، خاصة الطفلة الصغيرة التي فقدت والدتها وهي لم تتجاوز فترة الطفولة الأولى. إن الحقيقة القاسية أن القدر لم يمنح هذه الصغيرة فرصة للنمو في حضن أمها، والذكريات الوحيدة التي قد تبقى لديها هي صور قليلة، وكلمات قد تهمس بها الأسرة بينما تحاول أن تزرع في قلبها الأمل رغم الألم.
من جهة أخرى، يدعو ناشطون حقوقيون ومواطنون ليبيون إلى ضرورة التصدي لهذه الجرائم وملاحقة الفاعلين بكل حزم. ضروة وقف الانفلات الأمني لا تنفصل عن بناء دولة قانون حقيقية، تكون فيها الدماء محمية، ولا يجوز لأحد أن يتصرف فيها كما لو أنه فوق القانون.
إن التضامن مع خنساء هو تضامن مع كل امرأة لطالما تسعى لبناء مستقبل أفضل، ومع كل طفلة فقدت أبسط حقوقها في الحماية والرعاية. إن الرعب الذي أشاعته هذه الجريمة ليس فقط مشاعر خاصة، بل صوت الجماعة التي تطالب بالعدالة وبالكرامة.
وفي الختام، نقول: رحم الله خنساء، وأسكنها فسيح جنانه، ورحم قلوب عائلتها، خاصة ابنتها الصغيرة التي تربّت بدون حضنها.
ونسأل الله أن يكون هذا الحدث نقطة تحوّل حقيقي نحو دولة أكثر أمنًا وعدلًا، حتى لا تتكرر مثل هذه الفجائع في ليبيا، ويشهد هذا الوطن المُتعب نور الأمل من جديد.