اختفاء قبر يثير الجدل في المكنين والجمعية الخيرية توضّح حقيقة الحادثة
شهدت مقبرة المكنين حالة من الجدل بعد أن تفاجأ أحد المواطنين بعدم العثور على قبر والدته، المتوفاة منذ 34 سنة، خلال زيارته الأخيرة للمكان. الواقعة أثارت تساؤلات واسعة على شبكات التواصل الاجتماعي ودخلت سريعًا حيّز النقاش العام، قبل أن تتدخّل الجمعية الخيرية للمقابر لتوضيح حقيقة ما جرى وطمأنة العائلة.
وفي هذا السياق، أكّد رئيس الجمعية الخيرية للمقابر بالمكنين، سالم مصطفى، أن ما حدث لا يتجاوز كونه “خطأ بشريًا” ارتكبه المكلف بحفر القبور أثناء مباشرة عمله اليومي. وأوضح أنّ العامل شرع في حفر مكان قريب من القبر القديم قصد تجهيز قبر جديد لمتوفٍ آخر، لكنّه تدارك الأمر فورًا قبل أن يصل إلى أي رفات أو يمسّ القبر الأصلي بأي ضرر.
هذا التوضيح جاء ليبدّد المخاوف التي انتشرت بعد تداول رواية المواطن “حمدي”، الذي ذكر أنه لم يتمكن من العثور على قبر والدته وظنّ في البداية أنّ الرفات تمّ العبث بها أو نقلها دون علمه. وقد أثار ذلك موجة تعاطف واسعة، خاصة أنّ حرمة القبور تُعدّ مسألة حساسة لدى الأهالي، وتمسّ مشاعرهم مباشرة.
وأكد رئيس الجمعية أن الرفات لم تُمسّ إطلاقًا، وأن القبر لم يُنقل ولم يتعرض أي جزء منه للإتلاف، وأن ما بدا وكأنه اختفاء للقبر هو نتيجة سوء تموضع الحفر الجديد الذي أُغلق مباشرة بعد اكتشاف الخطأ. كما شدّد على أنّ الجمعية ستتحمّل كامل المسؤولية وستتكفل بإعادة بناء القبر وترميمه بالشكل اللائق، وذلك تقديرًا لمشاعر العائلة واحترامًا لحرمة الموتى.
وأشار مصطفى إلى أنّ الجمعية تعمل منذ سنوات بطريقة تطوعية لدعم العمل البلدي، ولديها دور أساسي في تنظيف المقابر وصيانة المساحات الداخلية وإعادة تنظيمها. ورغم أن هذا العمل الإنساني يُقدّم دون مقابل، إلا أنّ وجود أخطاء بسيطة يظلّ واردًا في ظل الضغط اليومي وكثرة المهام، حسب تعبيره.
وقد فتح هذا الحدث باب النقاش حول طرق إدارة المقابر في عدد من المناطق، وضرورة تعزيز التنسيق بين البلديات والجمعيات المتطوعة لتجنب وقوع أخطاء تمسّ ثقة المواطنين أو تسبب لهم صدمات نفسية. كما دعا بعض الناشطين إلى ضرورة وضع سجلات واضحة وخرائط دقيقة للقبور القديمة، خاصة تلك التي يعود تاريخها لعقود طويلة، تفاديًا لأي التباس.
من جهة أخرى، عبّر كثير من المتابعين عن تفهّمهم لاعتراف الجمعية بالخطأ وتحملها للمسؤولية، معتبرين أنّ الشفافية في التواصل مع المواطنين خطوة مهمّة لتعزيز الثقة وتجنب تضخيم الإشاعات. كما دعا آخرون إلى ضرورة تكوين العاملين على احترام الإجراءات الفنية الخاصة بحفر القبور وإعادة تهيئتها.
وفي النهاية، تبقى هذه الحادثة درسًا مهمًا في أهمية التنظيم الدقيق داخل المقابر، وتذكيرًا بضرورة احترام مشاعر العائلات التي تزور أحبّتها وتجد في القبور مكانًا للسكينة والذكرى. كما يبرز دور الجمعيات في تقديم الخدمات العامة ويؤكد الحاجة إلى دعمها وتمكينها من الوسائل الضرورية لتفادي مثل هذه الأخطاء مستقبلاً.