اخبار عامة

فاجعة في فرنانة: وفاة الشابة خولة بعد الولادة تُثير غضبًا واسعًا وجدلاً حول الإهمال الطبي

خيّم الحزن والأسى على معتمدية فرنانة من ولاية جندوبة بعد وفاة الشابة خولة، التي فارقت الحياة في المستشفى الجهوي بجندوبة عقب ساعات فقط من وضعها لمولودها، في حادثة مأساوية هزّت الرأي العام وأثارت جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي حول ظروف رعايتها الطبية.

ووفق ما أفادت به عائلة الفقيدة في روايات تداولها عدد كبير من مستخدمي مواقع التواصل، فإن خولة تم نقلها إلى المستشفى في حالة حرجة بعدما داهمتها آلام المخاض. إلا أن أفراد عائلتها أكدوا أنها ظلت لساعتين في حالة إغماء دون تدخل طبي عاجل، قبل أن يتم إدخالها إلى قسم العمليات. وبعد الولادة، دخلت في غيبوبة استمرت يومين كاملين، لتفارق الحياة وسط صدمة وحزن عميقين لدى عائلتها وكل من يعرفها.

العائلة حمّلت إدارة المستشفى وكوادره الطبية مسؤولية ما اعتبرته “إهمالًا جسيمًا وعبثًا بأرواح المواطنين”، متهمةً بعض الأطراف الطبية بالتقصير في إسعاف ابنتهم بالسرعة المطلوبة. وطالبت العائلة بفتح تحقيق جدي وعاجل لتحديد أسباب الوفاة، محذّرة من أن تتحول المستشفيات العمومية إلى “مقابر للأحياء” في ظل ما وصفوه بانعدام المتابعة وضعف الإمكانيات البشرية والمادية.

وقد تفاعل عدد كبير من المواطنين مع الحادثة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبّروا عن غضبهم العارم من تكرار مثل هذه المآسي داخل المستشفيات الحكومية. واعتبر كثيرون أن وفاة خولة ليست حادثة معزولة، بل نتيجة حتمية لتدهور المنظومة الصحية في الجهات الداخلية، التي تعاني من نقص الإطارات الطبية والتجهيزات، وضعف آليات الرقابة والمساءلة.

من جانبها، لم تصدر إلى حد الآن الجهات الصحية بولاية جندوبة أي بيان رسمي لتوضيح ملابسات الحادثة أو الرد على الاتهامات الموجهة ضد الإطار الطبي. غير أن مصادر مطلعة أفادت بأنه تم فتح تحقيق إداري وطبي لتحديد المسؤوليات، في انتظار نتائج التشريح الطبي التي ستكشف الأسباب الدقيقة للوفاة.

الحادثة أعادت إلى الأذهان مأساة العديد من النساء اللواتي فقدن حياتهن خلال الولادة نتيجة الإهمال أو ضعف الإمكانيات الطبية، رغم أن الدستور التونسي يضمن الحق في الرعاية الصحية لكل مواطن دون تمييز. كما جدّد ناشطون في المجتمع المدني دعواتهم إلى إصلاح قطاع الصحة العمومية جذريًا، من خلال تحسين ظروف العمل داخل المستشفيات ومحاسبة كل من يثبت تقصيره أو تهاونه في أداء واجبه الإنساني والمهني.

في انتظار ما ستسفر عنه نتائج التحقيق، تبقى وفاة خولة جرس إنذار جديد يدقّ بقوة في وجه المنظومة الصحية، وصرخة وجع تعبّر عن معاناة آلاف العائلات التي فقدت ثقتها في الخدمات الطبية العمومية. فحياة الإنسان ليست رقمًا في إحصائيات المستشفيات، بل أمانة تتطلب ضميرًا حيًا ومتابعة دقيقة لكل حالة، خاصة عندما يتعلق الأمر بأرواح الأمهات والمواليد الجدد.