اخبار عامة

أحكام ثقيلة في قضية “الطقوس الغريبة” بجهة البحر الأزرق: القضاء التونسي ينهي فصول جريمة هزّت الرأي العام

شهدت المحكمة الابتدائية بتونس يوم أمس صدور أحكام قضائية صارمة في واحدة من القضايا التي أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط القانونية والإعلامية، بعد أن أدين ثلاثة أشخاص من جنسيات إفريقية جنوب الصحراء بارتكاب أفعال إجرامية خطيرة راح ضحيتها أحد أصدقائهم.

وقد قضت الدائرة الجنائية بالسجن لفترات تتراوح بين 10 و20 سنة في حق المتهمين الثلاثة، بعد ثبوت تورطهم في جريمة وصفت بالبشعة، حيث كشفت التحقيقات أنّ الفاعلين أقدموا على الاعتداء على صديقهم داخل المنزل الذي كانوا يتقاسمونه في جهة البحر الأزرق بالعاصمة، في ظروف غامضة ومثيرة للجدل.

ووفق ما أفاد به مصدر قضائي مطّلع، فقد اعترف المتهمون خلال جلسات الاستماع بأنهم قاموا بالفعل نتيجة “معتقدات دينية غريبة”، إذ كانوا يعتقدون أن تصرفهم هذا يدخل ضمن طقوس معينة تضمن لهم “الحماية والبركة”، وهو ما دفع المحكمة إلى تصنيف القضية ضمن أخطر القضايا التي شهدتها تونس في السنوات الأخيرة.

القضية أثارت حالة من الصدمة بين التونسيين، خاصة أن تفاصيلها كشفت عن ممارسات لا تمتّ بصلة لا للدين ولا للعقل، وتعكس خطورة بعض الطقوس التي يتم استقدامها من خارج البلاد دون وعي أو رقابة. كما دعت منظمات المجتمع المدني والناشطون إلى ضرورة مراقبة الأنشطة المشبوهة والمنازل التي يتم استغلالها لمثل هذه الممارسات الغريبة، حفاظاً على الأمن العام وحماية للأرواح.

من جهته، شدّد أحد القضاة المقرّبين من الملف على أن المحكمة تعاملت مع القضية بأقصى درجات الصرامة نظراً لبشاعة الفعل وضرره الاجتماعي، مشيراً إلى أن هذه الأحكام جاءت لتؤكد أنّ القضاء التونسي لا يتساهل مع أي فعل يمسّ بالسلامة الجسدية أو النفسية للغير.

كما أشار إلى أنّ العقوبات تراوحت بين عشرين سنة سجناً في حق المتهم الرئيسي الذي قاد الطقوس ووجّه الأوامر، وخمس عشرة سنة لمساعده، وعشر سنوات للعنصر الثالث الذي شارك في العملية دون أن يكون له دور مباشر في التنفيذ، لكنه لم يبلغ السلطات رغم علمه بما كان يُحضّر له.

وفي ختام الجلسة، أكّد ممثل النيابة العمومية أنّ هذه الأحكام رسالة واضحة لكل من يحاول ممارسة أي نشاط خارج إطار القانون أو القيام بتصرفات تمسّ بحياة الأفراد تحت أي مبرر كان، داعياً إلى تعزيز الرقابة والتوعية بمخاطر المعتقدات الخرافية التي قد تدفع البعض إلى ارتكاب أفعال مأساوية.

القضية، رغم صدور الحكم فيها، ما تزال تثير نقاشاً واسعاً في الشارع التونسي، بين من يرى فيها جريمة غريبة عن المجتمع التونسي يجب التصدي لمظاهرها بكل حزم، ومن يطالب بتكثيف التعاون الأمني مع الدول الإفريقية لمتابعة الشبكات التي تروّج لمثل هذه الطقوس.

تبقى الرسالة الأبرز من هذه الواقعة أن الأمن الفكري والمجتمعي لا يقل أهمية عن الأمن المادي، وأنّ الوقاية من الانحرافات المعتقدية ضرورة قصوى لحماية المجتمع من مثل هذه الجرائم المأساوية.