طبيب تونسي: حوادث الاختناق في قابس قد تترك آثارًا طويلة المدى على صحة الأطفال
قابس: طبيب يكشف الآثار الصحية الطويلة المدى على الأطفال بعد حادثة الاختناق
تعيش مدينة قابس منذ أيام على وقع القلق بعد حادثة الاختناق الجماعي التي طالت عددًا من التلاميذ في إحدى المؤسسات التعليمية. وبينما تواصل الجهات الصحية متابعة الحالات، خرج أحد الأطباء المختصين ليكشف عن الآثار الصحية المحتملة التي قد تتركها مثل هذه الحوادث على الأطفال على المدى الطويل، داعيًا إلى التحرك السريع لتأمين المدارس وتطوير الإجراءات الوقائية.
وفي تصريحه، أوضح الطبيب المختص في أمراض الجهاز التنفسي أن استنشاق المواد الكيميائية أو الملوثة — حتى لفترات قصيرة — يمكن أن يسبب تهيّجًا في الشعب الهوائية والرئتين لدى الأطفال، باعتبار أن جهازهم التنفسي لا يزال في طور النمو. وأضاف أن بعض الحالات قد تتعافى بسرعة، لكن البعض الآخر قد يعاني من حساسية مزمنة أو ضعف بسيط في وظائف الرئة إذا لم تتم المتابعة الطبية الدقيقة.
وأشار الطبيب إلى أن الأعراض الأولية كالاختناق، السعال، أو ضيق التنفس قد تختفي بعد العلاج، لكن التأثيرات العميقة تظهر أحيانًا بعد أشهر، خاصة إذا تكررت الحوادث أو استمر التعرض للمسببات نفسها. وقال:
“الأطفال أكثر هشاشة من الكبار، لذلك أي تعرض لمواد مهيجة يحتاج متابعة طبية مستمرة، حتى وإن بدت الحالة مستقرة في البداية.”
وفي هذا السياق، دعا الإطار الطبي في قابس إلى إجراء فحوصات دورية للتلاميذ المتضررين، تشمل مراقبة وظائف الرئة والتحقق من أي علامات لحساسية مزمنة أو التهابات متكررة. كما شدد على أهمية التعاون بين وزارة الصحة ووزارة التربية لتأمين محيط المؤسسات التربوية من أي مصادر ملوثة أو مواد خطرة يمكن أن تؤثر على سلامة التلاميذ والعاملين.
من جهة أخرى، عبّر عدد من الأولياء عن قلقهم الشديد على صحة أبنائهم بعد الحادثة، مطالبين بتوضيحات رسمية حول أسباب الاختناق والإجراءات الوقائية التي ستُتخذ مستقبلاً. وأكد أحدهم في تصريح صحفي:
“ما نحبوش نشوفو أولادنا يعانيو من مشاكل تنفسية بسبب تقصير في الصيانة أو التهوية داخل المدارس.”
بدورها، أوضحت المندوبية الجهوية للصحة بقابس أن جميع التلاميذ الذين تعرضوا للاختناق تم إسعافهم بسرعة، وأن أغلبهم غادر المستشفى بعد تحسن حالتهم، مع بقاء بعض الحالات تحت المراقبة الطبية. وأكدت المندوبية أنها ستواصل المتابعة الصحية لجميع المتضررين بالتنسيق مع وزارة التربية، مع إجراء تحليل شامل للأسباب البيئية المحتملة.
من الناحية العلمية، يؤكد المختصون أن الوقاية أفضل وسيلة لحماية الأطفال من الآثار طويلة الأمد، وذلك عبر ضمان تهوية جيدة في الفصول، ومراقبة جودة الهواء، والتدخل السريع عند ملاحظة أي روائح أو أعراض غير طبيعية. كما شدد الطبيب على ضرورة توعية الإطار التربوي بكيفية التعامل مع مثل هذه الحالات الطارئة لتقليل الخطر وحماية التلاميذ.
واختتم الطبيب حديثه برسالة واضحة:
“الأطفال هم الأكثر تأثرًا بالبيئة المحيطة، وحمايتهم مسؤولية جماعية. من الضروري أن تتحول حادثة قابس إلى درس عملي لتحسين ظروف الصحة والسلامة في كل المدارس.”
حادثة قابس فتحت نقاشًا واسعًا حول الصحة المدرسية في تونس، وضرورة تفعيل برامج وطنية تهدف إلى ضمان بيئة تعليمية سليمة وآمنة، حتى لا تتكرر مثل هذه الحالات التي تهدد سلامة أبنائنا ومستقبلهم.