القيروان: إصابة 15 عاملاً بحالات اختناق داخل مصنع خياطة بسبب تسرب مادة كيميائية
شهدت المنطقة الصناعية بمدينة القيروان صباح اليوم حادثة مقلقة تمثلت في إصابة 15 عاملاً بحالات اختناق داخل أحد مصانع الخياطة، وذلك نتيجة تسرب مادة كيميائية أثناء عمليات الصيانة الروتينية لمصعد بالمصنع. وقد أثارت الحادثة حالة من الهلع بين العاملين، قبل أن تتدخل وحدات الحماية المدنية بسرعة لتقديم الإسعافات ونقل المصابين إلى المستشفى الجهوي بالقيروان.
ووفق ما أكده مصدر من الحماية المدنية، فإن الحادث وقع في حدود الساعة العاشرة صباحًا، عندما كان فريق تقني بصدد القيام بأعمال صيانة داخل غرفة المصعد. وأثناء استعمال بعض المواد المنظفة والمذيبات، حدث تسرب غير متوقع لأبخرة كيميائية انتشرت بسرعة داخل فضاء المصنع المغلق، مما أدى إلى اختناق عدد من العمال المتواجدين بالطابق السفلي.
وقد سارع زملاؤهم إلى إخراجهم إلى الساحة الخارجية للمصنع، في حين تم إشعار فرق الحماية المدنية التي وصلت في وقت وجيز على عين المكان. وتم توفير سيارات إسعاف لنقل المصابين إلى المستشفى الجهوي، حيث خضعوا للأوكسجين والعلاج الضروري. وأكد مصدر طبي من قسم الاستعجالي أنّ حالات المصابين تراوحت بين الخفيفة والمتوسطة، مشيرًا إلى أنّ حالتهم الصحية مستقرة بعد تلقيهم الإسعافات اللازمة.
وأكد مدير المصنع، في تصريح إعلامي، أنّ ما حدث كان “حادثًا عرضيًا ناتجًا عن خطأ تقني أثناء الصيانة”، مضيفًا أن العمل توقف مؤقتًا في انتظار نتائج التحقيق الذي فتحته الجهات الأمنية والجهات المختصة في الصحة والسلامة المهنية. وأضاف: “نحن نعمل بالتنسيق الكامل مع الحماية المدنية والسلطات المحلية لضمان سلامة كل العمال والتأكد من أن بيئة العمل آمنة قبل استئناف النشاط.”
من جانبها، تحولت فرق من الشرطة الفنية والبيئة إلى مكان الحادث، حيث تم رفع عينات من المادة المتسربة وتحليلها لتحديد نوعها وتأثيرها الصحي. وأوضح أحد المختصين أن هذه المواد تُستخدم عادة في تنظيف المصاعد والأجزاء الميكانيكية، وقد تؤدي إلى تهيج الجهاز التنفسي إذا لم تتم تهويتها جيدًا أو إذا استُعملت بكمية مفرطة.
وقد عبّر عدد من العمال عن خوفهم من تكرار مثل هذه الحوادث، مطالبين بتكثيف الرقابة الدورية على معدات الصيانة وتوفير وسائل الوقاية الشخصية مثل الكمامات وأجهزة التهوية المناسبة. وقال أحد العمال الذين كانوا في موقع الحادث: “كنا نخدمو عادي، وفجأة حسينا بروائح قوية تخنق، وبعد دقايق بعض الزملاء طاحوا، الحمد لله جاو أعوان الحماية في الوقت.”
وخلّفت الحادثة حالة من القلق في صفوف الأهالي الذين توافدوا على المستشفى للاطمئنان على أبنائهم. كما وجّه عدد من نشطاء المجتمع المدني دعوة إلى الجهات الرسمية لتعزيز إجراءات السلامة المهنية داخل المؤسسات الصناعية، مؤكدين أن “العامل التونسي يستحق بيئة عمل آمنة تحفظ كرامته وصحته”.
وتواصل الجهات الأمنية تحقيقها لتحديد المسؤوليات، فيما أكدت الإدارة الجهوية للصحة بالقيروان أنّ جميع المصابين غادروا المستشفى بعد تحسن حالتهم، وأنه لم يتم تسجيل أي إصابات خطيرة.
حادثة اليوم في القيروان تعيد إلى الواجهة أهمية الالتزام بإجراءات السلامة في بيئات العمل المغلقة، وضرورة تكوين فرق مختصة لمراقبة الصيانة واستعمال المواد الكيميائية بحذر. فسلامة العامل تظل أولوية لا يمكن التهاون فيها تحت أي ظرف.