حين تغيب التلميذة عن القسم.. تنكشف قصة عائلة تكافح من أجل البقاء”
تونس 2025: قصة أم تكافح من أجل أطفالها وسط ظروف قاسية
في مشهد مؤثر يعكس حجم التحديات الاجتماعية التي لا تزال تعاني منها بعض الأسر التونسية، أثارت قصة تلميذة صغيرة غابت عن مقاعد الدراسة لأيام متتالية تعاطف الرأي العام بعد أن كشفت معلمتها سبب الغياب، لتتكشف وراءها حكاية مليئة بالمعاناة والصبر.
القصة بدأت عندما لاحظت معلمة في مدرسة ابتدائية غياب تلميذة معتادة على الحضور بشكل منتظم. وعند عودة الطفلة إلى الصف بعد أسبوع من الانقطاع، سألتها المعلّمة عن سبب الغياب، فكان الرد من الأم مؤلمًا: “ما في حالناش، وما نحبش نتشكا”. هذه الكلمات البسيطة دفعت المعلّمة إلى التوجه إلى منزل العائلة، حيث اكتشفت وضعًا صعبًا للغاية.
أسرة بلا موارد
الأم تعيش مع خمسة أطفال في منزل يفتقر إلى أبسط مقومات العيش الكريم: لا ماء صالح للاستعمال، لا كهرباء، ولا مستلزمات مدرسية. حتى أبسط الضروريات، مثل حفاظات للأطفال أو أدوات التعليم، غائبة تمامًا. هذه الأسرة تعتمد فقط على جهود الأم التي كانت تعمل سابقًا في تنظيف المنازل أو في بيع بعض المنتوجات البسيطة مثل التين الهندي وجمع البلاستيك من الشوارع.
لكن مع تقدمها في السن وتدهور حالتها الصحية، لم تعد قادرة على الاستمرار في العمل بنفس الوتيرة. أما الزوج، فقد انسحب من المسؤولية بعد أن استنزف ما كانت الأم تجنيه من عملها، ليتركها وحدها في مواجهة مصيرها مع الأطفال.
معاناة بصمت
رغم كل هذه الصعوبات، رفضت الأم أن تبوح بحالتها أو أن تلجأ إلى الشكوى، مفضلة أن تتحمل معاناتها بصمت. موقفها هذا كشف الكثير عن كرامة المرأة التونسية وصمودها في مواجهة التحديات، لكنه في الوقت نفسه سلّط الضوء على الحاجة الملحّة لتكاتف المجتمع ومؤسساته في دعم مثل هذه الحالات الإنسانية.
مسؤولية المجتمع
القضية لا تقتصر على أسرة واحدة، بل هي صورة مصغّرة لما قد يعيشه العديد من الأطفال المحرومين من حقهم الطبيعي في التعليم والعيش الكريم. مثل هذه الحالات تطرح تساؤلات جدية حول دور المؤسسات الاجتماعية، والجمعيات المدنية، وحتى المواطنين في تقديم المساعدة، سواء عبر التبرعات أو المساهمات العينية أو عبر مبادرات مجتمعية تضمن للأطفال ظروفًا أفضل.
المدرسة.. أكثر من مجرد تعليم
ما يلفت الانتباه في هذه القصة هو دور المدرسة والمعلمين الذين لم يكتفوا بممارسة مهمتهم التعليمية، بل كانوا مرآة تكشف المعاناة الحقيقية للتلميذة وعائلتها. لقد أثبتت هذه المعلمة أن المدرسة ليست مجرد فضاء للعلم، بل يمكن أن تكون أيضًا خط الدفاع الأول للكشف عن الأوضاع الاجتماعية الصعبة للتلاميذ، مما يفتح الباب أمام إيجاد حلول عاجلة.
أمل في غد أفضل
هذه القصة المؤثرة، رغم قسوتها، تحمل في طياتها رسالة أمل: أن التكاتف والتضامن قادران على صنع الفارق. فما يحتاجه هؤلاء الأطفال ليس فقط الإحساس بالشفقة، بل توفير الدعم العملي والمستدام الذي يمكّنهم من العيش بكرامة ومواصلة تعليمهم دون انقطاع.
إنها دعوة للمجتمع المدني، للسلطات، وللأفراد، للالتفات أكثر إلى الحالات الهشّة التي قد تمرّ مرور الكرام دون أن يلتفت إليها أحد. فكل طفل له الحق في الدراسة، وكل أم لها الحق في أن تجد سندًا يحمي أبناءها من قسوةالحاجة.